عندما يتعلق الأمر بالدرجات الجامعية المختلفة في العلوم، تبرز العلوم البيولوجية (Biology) فيما بينها كموضوع متشعب الجوانب. ويشير علم الأحياء، في أبسط تعريف له، إلى الدراسة العلمية للحياة. وبناء عليه، يمكن تقسيم العلوم البيولوجية إلى العديد من التخصصات الفرعية والتي تشمل علم الحيوان وعلم النبات وعلم الأحياء الدقيقة والكيمياء الحيوية وعلم الأحياء البحرية وغيرها ممن التخصصات.
وعندما ننظر إلى أولئك الذين يدرسون العلوم البيولوجية، يمكن ببساطة معرفة السبب الذي يجعلنا نعتقد أن المستقبل قد يعتمد على هؤلاء الطلاب. وحيث إن العلوم البيولوجية مجال متنوع ودائم التغيير ومرتبط بكل شيء من أصغر الخلايا إلى النظم البيئية بأكملها، سيكون للقائمين على دراسة العلوم البيولوجية المختلفة دور مستقبلي هام له تأثيره على العالم وجميع الكائنات الحية.
سنقوم فيما يلي بإلقاء نظرة على بعض أنواع الأبحاث الفريدة التي يقوم بها علماء الأحياء في جميع المجالات ومدى تأثير ابتكاراتهم وعملهم على العالم الذي نعرفه من حولنا. ولا شك أن الأبحاث الهائلة التي يقوم بها علماء الأحياء والمختصين بدراسة المجالات المختلفة فيه تمهد الطريق وتفتح آفاقاً للمستقبل.
علم الوراثة (Genetics) وعلم الجينوم (Genomics)
إذا كانت العلوم البيولوجية تشمل جميع ما يتعلق بدراسة الكائنات الحية، سيساعد إلقاء نظرة سريعة على ما يقوم به العلماء المختصين بدراسة علم الوراثة وعلم الجينوم على تسليط الضوء قليلاً على هذا المجال. وتدور الدراسات الجينية حول فهم أنماط الوراثة (وتحديداً الجينات والكروموسومات) التي تمثل سمات هامة للكائنات الحية.
وقد شهد مجال العلوم البيولوجية تطورات حديثة في تسلسل وتحليل الجينوم والتي تسمح للعلماء بالبحث عن الطفرات والجينات، والتي ويمكن أن تحدد تطور الكائنات الحية وأمراضها وتنوعها الطبيعي.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو جراهام ووكر (Graham Walker) الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي يبحث حالياً في كيفية إصلاح الخلايا والتعامل مع تلف الحمض النووي. وتعد الدراسات الجينية والجينومية مفتاحاً لفهم كيفية عمل الكائنات الحية وأداء وظائفها!
علم الأعصاب (Neuroscience)
يُعد علم الأعصاب من المجالات متعددة التخصصات التي تندرج تحت العلوم البيولوجية، ويختص بدراسة الجهاز العصبي ووظائفه. ويرتبط بتخصصات أخرى مثل اللغويات والهندسة والطب. ويمكن تقسيم علم الأعصاب نفسه إلى تخصصات فرعية محددة، مما يوفر للطلاب الكثير من مجالات التخصص اعتماداً على اهتماماتهم الخاصة.
وقد لعب علماء الأعصاب دوراً كبيراً في توسيع فهمنا للعديد من الحالات الشائعة ذات الصلة بالبشر ونشاط الدماغ وتطوير أدوات فريدة للمساعدة في تحديد الهوية مثل فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي. وكان من أبرز الحالات المحددة التي سلط علم الأعصاب الضوء عليها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وانفصام الشخصية، والأورام الدماغية، واضطرابات الجهاز المناعي، وغيرها من الحالات.
وفيما يتعلق بالمستقبل، يمثل علم الأعصاب قطاعاً مهماً في العلوم البيولوجية لأنه يعزز فهمنا للوظائف البشرية، ومدى ارتباط العوامل العصبية بتطوير الدواء، وكيفيفة إعداد تدابير وقائية للمساعدة في القضايا الصحية الأخرى. وقد اكتشف علماء الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مؤخراً خلايا في الذاكرة يمكن أن تساعد الناس على تفسير المواقف الجديدة. ويشهد مجال العلوم البيولوجية تطورات مماثلة، مما يساعد على تيسير فهمنا للكائنات البيولوجية بشكل أكبر.
علم الأحياء الدقيقة
يتضمن علم الأحياء الدقيقة، كتخصص فرعي، دراسة جميع الكائنات الحية التي تصعب رؤيتها بالعين المجردة. وأصبح علم الأحياء الدقيقة تخصصاً فرعياً مهماً بفضل الأبحاث العديدة التي يقوم بها علماء الأحياء الدقيقة والتي تتعلق بالقضايا العالمية.
ومن أبرز المجالات التي يتناولها علم الأحياء الدقيقة هو تغير المناخ، والتكنولوجيا الحيوية، وأسباب المرض وسبل مكافحته، وغير ذلك! وبفضل تطبيقاته المتنوعة، يُعد علم الأحياء الدقيقة أمراً أساسياً بالنسبة لمستقبل العديد من الأشياء التي لها أثر بالغ على الحياة اليومية للناس والكوكب. كما أن الأبحاث التي يقوم بها علماء الأحياء الدقيقة يمكن تطبيقها على جسم الإنسان أو الغذاء أو الحيوانات!
على سبيل المثال، في الجامعة الشريكة لإدفوي، جامعة طومسون ريفرز(Thompson Rivers University)، يشارك الدكتور ناوارات تشيبثام (Naowarat Cheeptham) في الفريق الذي كان يبحث في فعالية البروبيوتيك في مساعدة الخفافيش على محاربة الفطريات القاتلة. وتغطي اهتمامات الفريق عدة مجالات من بينها علم ميكروبيولوجيا الكهوف، ومقاومة المضادات الحيوية، وتعليم علم الأحياء الدقيقة. ويُعتبر ذلك مثالاً ممتازاً للتأكيد على عدد المجالات المختلفة التي يمكن أن تغطيها دراسات العلوم البيولوجية!
العلوم البيولوجية والمستقبل
يعتكف المختصون في دراسة العلوم البيولوجية على الدراسة العلمية للحياة والكائنات الحية، ولا شك أن هذا يرتبط في جوهره بالمستقبل. كما رأينا أعلاه، تتنوع العلوم البيولوجية، وبناء عليه قد تختلف الأبحاث التي تجري في أي فرع من فروعها من وقت إلى آخر!
وإذا كنت تفكر في دراسة العلوم البيولوجية، ننصحك بالتفكير في المجالات البحثية المذكورة أعلاه وتأثيراتها بعيدة المدى. وكمجال للدراسة، تقدم العلوم البيولوجية لطلابها مجموعة متنوعة من المجالات الدراسية، من علم الأحياء البحرية إلى علم البيئة. وهذا ما يجعل علماء الأحياء في صدارة المشهد في المستقبل، ولهذا السبب ننصحك بالتفكير بجدية في دراسة هذا المجال المثير.
وقد ذكرت جينيفر دودنا (Jennifer Doudna)، الحائزة على جائزة نوبل مؤخرًا عن أبحاثها حول تحرير الجينات، أن رؤيتها في التعامل مع بحثها "كانت تهدف إلى إحداث تأثير على المشكلات التي تواجه البشرية، سواء كانت في الطب الحيوي أو في الزراعة، عن طريق تعديل الجينوم". وربما كانت نظرتنا إلى العلوم البيولوجية كمجال يمكن أن يستوعب العديد من الموضوعات في وقت واحد، بالإضافة إلى قدرته على إحداث مثل هذه التأثيرات الإيجابية على مجالات متعددة، هي السبب الأكبر لاعتبار القائمين على دراسة العلوم البيولوجية بمثابة قادة المستقبل.